عملت شبكة الإنترنت على إزالة الحدود الثقافية عبر مختلف دول العالم عن طريق إتاحة اتصال سهل وسريع بين الأفراد في أي مكان عن طريق مختلف أجهزة الإعلام والوسائل الرقمية. وترتبط شبكة الإنترنت بالعولمة الثقافية لأنها تتيح التفاعل والتواصل بين الأفراد من مختلف الثقافات وأساليب الحياة. كذلك، تسمح مواقع الويب التي يتشارك فيها الأفراد صورهم بمزيد من التفاعل حتى ولو كانت اللغة تشكل عائقًا أمامهم. فقد أصبح من الممكن بالنسبة لأي شخص في أمريكا أن يتناول النودلز اليابانية على الغداء. كما أصبح من الممكن بالنسبة للقاطن مدينة سيدني في أستراليا أن يتناول الطعام الأكثر شعبية في إيطاليا ألا وهو كرات اللحم. ومن ثم، فقد أصبح الطعام يشكل مظهرًا واحدًا من مظاهر الثقافة المتعددة والمتأصلة بأية دولة. فالهند، على سبيل المثال، تشتهر بالكاري والتوابل الغريبة، أما باريس فتشتهر بمختلف أنواع الجبن، في حين تشتهر الولايات المتحدة الأمريكية بالبرجر والبطاطس المحمرة. قديمًا، كان الطعام المقدم في مطاعم ماكدونالدز هو الطعام المفضل لدى الأمريكيين فقط بصورته المبهجة الباعثة على الحظ وكذلك بوجود شخصية رونالد دائمة الظهور في إعلانه وألوانه الحمراء والصفراء المعروفة ووجباته السريعة المتعددة الشهية. أما الآن، فقد أصبح هذا المطعم مطعمًا عالميًا؛ حيث أضحى له 31,000 فرع حول العالم بما فيها الكويت ومصر ومالطا. ومن ثم، يعد هذا المطعم خير مثال على انتشار الطعام على أساس عالمي. كذلك، يعد التأمل من الأساليب التي تلقى احترامًا وتقديسًا منذ قرون في الثقافة الهندية. فالتأمل يعمل على تهدئة الجسم ويساعد المرء في إدراك ذاته الداخلية وتجنب أي وضع يضر بها. قبل العولمة، كان الأمريكيون لا يمارسون تمارين التأمل أو اليوجا. لكن بعد العولمة، أصبح التأمل أسلوبًا شائعًا بينهم حتى أنه اعتبر طريقة مواكبة للحداثة للمحافظة على الرشاقة. حتى أن بعد الأشخاص يسافرون إلى الهند لكي يحصلوا على الخبرة الكاملة في هذا الصدد بأنفسهم. من ناحية أخرى، يعتبر الوشم المتخذ شكل الرموز الصينية من الأساليب الأخرى الشائعة التي ساهمت العولمة في انتشارها. فهذه الرسوم والأشكال تعتبر تقليعة شائعة بين جيل الشباب في هذه الأيام، كما أنها سرعان ما أصبحت سلوكًا معتادًا ومتعارفًا عليه بينهم. ومع امتزاج الثقافات، أصبح استخدام لغة دولة أخرى في أحاديث الأفراد أمرًا عاديًا. يتم تعريف الثقافة بأنها مجموعة من أنماط الأنشطة الإنسانية والرموز التي تمنح هذه الأنشطة تلك الأهمية.
فالثقافة تعبر عما يتناوله الأفراد من طعام، وما يرتدونه من ملبس، كما أنها تعبر عن المعتقدات والأفكار التي يتبعونها والأنشطة التي يمارسونها. إن العولمة قد عملت على الربط بين الثقافات المختلفة وقامت بتحويلها إلى شيء مختلف وفريد من نوعه. وكما تم التصريح من جانب "إيرلا زوينجل" في إحدى مقالات مجلة National Geographic تحت عنوان "العولمة": "عندما تستقبل الثقافات مختلف التأثيرات الخارجية، فإنها تستوعب بعضها وترفض البعض الآخر منها؛ ثم تعمل بعدها فوريًا على تحويل ما تم استيعابه."
[26]