الخيط الحريري، الذي تحيك به العنكبوت بتفنن شبكتها، هو في الحقيقة مجموعة خيوط ملتفة على بعضها، فسمك
شعرة الإنسان يزيد عن سمك خيط العنكبوت ب400 مرة. إلا أن هذه الخيوط، اللينة والقابلة للتمطيط بعشرين في المائة من حجمها دون أن تتمزق، ورغم شدة رقتها وشفافيتها، تعد أصلب الألياف الطبيعية على الإطلاق، ولها قوة تحمل للضغط أقوى حتى من قوة تحمل الفولاذ، ولذلك يطلق عليها الفولاذ البيولوجي. وأنثى العنكبوت هي التي تقوم بنسج هذا الخيط الحريري، بواسطة ثلاثة مغازل أسفل البطن، متصلة بغدد صغيرة، تفرز المادة التي تتشكل منها الخيوط.
وتقوم أنثى العنكبوت بهندسة الشبكة ونسجها، بمهارة عالية، بخيوط منحنية أو مستقيمة، بترتيب متناسق المسافات فيما بينها، على شكل دائري أو ثلاثي رائع التصميم. وشبكة العنكبوت ليست مصيدة فحسب، بل هي كذلك شبكة اتصال واستشعار (تشعر من خلالها بوقوع الفريسة، يتصل عن طريقها الذكر، تتمدّد عندما تقع عليها الأجسام الثقيلة حتى لا تتكسر.
وعندما تقع الفريسة، قد تستعمل خيوط الشبكة لتقييدها أو لسحبها، أو لتغليفها لحفظها طازجة. وتحقن العنكبوت فريستها سما يشلها عن الحركة، ثم تفرغ فيها لعابها الذي يذيب الأعضاء الداخلية للفريسة، فتمتصها سائلا، فتتخلص من هيكل الفريسة الأجوف. فعملية الهضم عندها تتم خارج بطنها، ولذلك تحتفظ بفرائسها حية، لكي تبقى طازجة.