تحدد المصادر التاريخية بناء النواة الأولى لمراكش سنة 1070 م من قبل المرابطين ، وهم مجموعة قبائل أمازيغية رحل أتت من الصحراء. وقد تطورت هذه المدينة تحت حكم السلطان يوسف بن تاشفين (1061 – 1107) إلى حد كبير من نتائج التوسع المرابطي في افريقية والأندلس لتصبح المركز السياسي والثقافي للغربي الإسلامي.
بعد استتباب الامر للموحدين عقب دخولهم المدينة سنة 1147م، اتخذوها عاصمة لحكمهم. وأنجزوا بها عدة معالم تاريخية لازالت تشكل مفخرة عصرهم كصومعة الكتبية .
مسجد الكتبية أو الكتبيين أخذ اسمه من بائعي الكتب، والنساخين، والوراقين الذين اتخذوا من جوانبه في القديم مقراً لهم. فناء المسجد الداخلي ترطب هواءه نسمات خضراء من شجر أخضر، مبلط جميل، يغطي البناء حوله قرميد وردي، الممرات تتوجها أقواس أندلسية اللون والشكل والملامح.
من الحجر المراكشي الأحمر بنيت صومعة الكتبية مربعة الشكل شاهقة، ارتفاعها سبعة وستون متراً ونصف، وضلعها اثني عشر متراً ونصف، الزخارف تتشكل من أقواس حجرية بارزة، أشكالها نباتية هندسية أو خطية. الدراسات العلمية التي امتدت سنوات ثلاث أكدت متانة بناء الصومعة وعدم تأثره بالسنين، تبع ذلك عملية ترميم تشمل الجدران الخارجية، لعلها الأكبر من نوعها في العالم. الكتبية كبرياء مراكش، وقامتها المنتصبة، ولعينيها تبدو المدينة.. كل المدينة واضحة جلية.
يتوسط جامع الكتبية مدينة مراكش، بالقرب من ساحة جامع الفنا. وتسمية المسجد مشتقة من "الكتبيين"، وهو اسم سوق لبيع الكتب يعتقد أنه كان بمقربة من المساجد.
لقد بني جامع الكتبية الأول من طرف الخليفة عبد المومن بن علي الكومي سنة 1147م على أنقاض قصر الحجر المرابطي الذي كشفت التنقيبات الأثرية على بناياته ومكوناته المعمارية.
أما المسجد الثاني فقد تم بنائه في سنة 1158م، وهو يشبه من حيث الحجم البناية الأولى، وينتظم في قاعة للصلاة مستطيلة الشكل تضم سبعة عشر رواقا موجهة بشكل عمودي نحو القبلة، تحملها أعمدة وأقواس متناسقة وتيجان فريدة تذكر بتلك التي نجدها بجامع القرويين بفاس. ويشكل التقاء رواق القبلة بقببه الخمسة والرواق المحوري تصميما وفيا لخاصيات العمارة الدينية الموحدية التي كان لها بالغ التأثير في مختلف أرجاء الغرب الإسلامي.
ويعتبر جامع الكتبية من أهم جوامع المغرب. إنه ذو أبعاد استثنائية، فهو يشغل مساحة 5300 متر مربع وفيه 17 جناحًا و11 قبة مزدانة بالنقوش. فيه أعلنت قرارات السلاطين المهيبة وجرت كبريات الأحداث. الجامع ومئذنته المزخرفة في أجزائها العليا بإفريز خزفي مطلي بلون الفيروز أصبحا رمزًا للمدينة. أما منبر الكتبية الجليل فهو مزوّد بنظام آلي للحركة يعتبر من روائع فن النجارة الإسلامية. وقد صنع هذا المنبر في قرطبة في بداية القرن الثاني عشر بطلب من الأمير المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين من أجل الجامع الذي انتهى من بنائه في مراكش. نقل المنبر إلى الكتبية نحو سنة 1150م.
--------------------------------------------------------------------------------