لا تزال قضية المرأة عنوانا لمقالات ودراسات الكثيرين من الكتاب والنقاد والمفكرين والمثقفين العرب والغربيين مبرزين مكانتها في بنية المجتمع وتطويره ،ومرجعين تهميشها وسلبيتها في الكثير من مجتمعات الشرق الأوسط إلى الإسلام لأنه متحيز للرجال وظالم للنساء حسب رأيهم، ومن أجل ذلك تتنادى المنظمات والهيئات الحقوقية و الاجتماعية والسياسية بشكل عام مطالبين بمساواتها مع الرجل .
لكن آخرين يتقدون أن الإسلام كفل للمرأة مكانتها الخاصة مما جعلها درة مصونة محذرين من دعوات سلخها من كل القيم والأخلاق .
وبين هذا وذاك نرى أن هذه القضية اسطوانة قديمة و الحديث عن هذا الموضوع لن ينتهي فلا يشكك احد في مكانة المراة في المجتمع إذا توفرت لها الظروف الملائمة بما تمتلكه من مواصفات و خبرة ، فهي هادئة صبورة بطبعها، قوية الإرادة، إذا عملت أتقنت وأبدعت عملها و أحسنت ونظمت، فهي تدير المنزل بدون خوف وتقوم بتربية الأطفال بثقة وأمان، وبامكانها العمل في أي مجال يناسبها، وهي اعلم وأدرى واكبر من أن تُقاد من غيرها فهي راعية نفسها و أسرتها ولها مكانة عظيمة لو أدركتها.
ومنذ بداية الإسلام وهي جنب لجنب مع أخيها الرجل تكافح وتجاهد في كل المجالات وقد نالها ما ناله قديما وحديثا وتحمّلت صنوف المعاناة من التعذيب والمطاردة والقتل والهجرة والسجون والإرهاب الفكري والظلم السياسي ، ولم يثنيها عن إعلان رأيها بحريّة وجرأة.
أما هنا في ديار الغرب فهي تعطي المثل الناصع وتصحح نضرة المجتمع حول مكانة المرأة في الإسلام وهي تعيش في مجتمع إباحي مفرط في الانحلال والميوعة، استطاعت أن تثبت وجودها فيه مستفيدة من الحرية التي تؤهِّلها لمشاركة الرّجل في بناء الحياة والتعبير والتعمير، مهتدية بقيم دينها الحنيف الذي يقدمها مثلاً أعلى للرّجال، كما يقدِّمها مثلاً أعلى للنّساء ليقتدي بسلوكها واستقامة فكرها وشخصيّتها اقتداءا بأمهات الصالحين (آسية زوجة فرعون، ومريم اُمّ المسيح، وخديجة زوج الرّسول محمّد r وفاطمة بنت محمّدr .
إن المرأة المسلمة لمّا تكتشف مكانتها الحقيقية في الإسلام ، و الرّجل المسلم لمّا يعرف مكانة المرأة في الإسلام على حقيقتها ، يحصل التفاهم ويعطي كلا منهما مكانا للأخر، وهنا تجارب كثيرة لدى الجمعيات والمؤسسات الإسلامية بينها حضور ملفت للنساء وتركيز على دورها الحيوي والفعال على المستوى الأسري والدعوى والاجتماعي في ظل ضوابط الشريعة الإسلامية التي حفظت لها مكانتها وكرامتها، وأفسحت لها المجال لإثبات ذاتها والقيام بدورها إلى جانب الرجل.
وهن غدون مكونا أساسيا في مجالس إدارة هذه المؤسسات ويشاركن في المؤتمرات بالنقاش والتقييم للمرحلة الماضية ومستشرفين المستقبل بخطط وبرامج تربوية وثقافية واجتماعية بل ومنهن من يترشحن لمناصب مسؤولة باختيار المؤتمرين، مؤكدين على أن المرأة الملتزمة تستطيع أن تقود المؤسسات والجمعيات بفهمها السليم لكتاب الله وسنة نبيه r، وتستطيع الإبداع في الإدارة والتطوير وفي كل مجالات الحياة، ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال: "لقد أخذت علومي عن 18 امرأة عالمة من المسلمين.
وتبقى المرأة المسلمة جزأ لا يتجزأ من المجتمع، بل هي أم المجتمع وصانعة رجاله، وصدق خير البشرr عندما قال النساء شقائق الرجال.