المملكة المغربية دولة تقع في أقصى غربي شمال أفريقيا عاصمتها الرباط وأكبر مدنها الدار البيضاء التي تعتبر العاصمة الاقتصادية، ومن أهم المدن: فاس، مراكش، مكناس، طنجة، أغادير، وتطوان. يطل المغرب على البحر المتوسط شمالاً والمحيط الأطلسي غرباً يتوسطهما مضيق جبل طارق؛ تحدها شرقا الجزائر وجنوباً موريتانيا.[4]
المغرب عضو في جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي ومنظمة المؤتمر الإسلامي منذ عام 1969؛ المنظمة الدولية الفرانكوفونية منذ سنة 1981، مجموعة الحوار المتوسطي منذ عام 1995، ومجموعة سبعة وسبعون منذ عام 2003، منظمة حلف شمال الأطلسي كحليف رئيس خارجه، منذ 2004 ثم الاتحاد من أجل المتوسط.
والمغرب هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي ليست عضوا في الاتحاد الأفريقي إذ أنها قد تركته عام 1984 بعد قبول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كعضو بيد أن لها مكانا خاصا في الاتحاد: بالاستفادة من الخدمات التي تتيحها دول الاتحاد، كمجموعة البنك الأفريقي للتنمية،[5] بل أن المفوضين المغاربة يشاركون وظائف مهمة في الاتحاد.
تاريخياً أثر المغرب تأثيراً كبيراً في منطقة المغرب الكبير والأندلس؛ إذ امتدت حدوده قديماً إلى شبه جزيرة إيبيريا شمالا، ونهر السنغال جنوباً
التسمية
يرجع أصل تسمية المغرب إلى العرب القدماء، حيث يعني الاسم "مكان غروب الشمس"؛ إذ أنهم اعتقدوا حينها أن الشمس تغرب في تلك الناحية من العالم. دخل العرب المسلمون المغرب أثناء فتح شمال أفريقيا. كان المؤرخون العرب في القرون الوسطى يستعملون لفظ "المغرب" للدلالة على جميع المناطق التي تُشكل المغرب العربي حاليّا، أي تونس والجزائر والمغرب، وكانوا يقسمون هذه المناطق إلى 3 أقاليم: المغرب الأدنى، أي تونس؛ المغرب الأوسط، أي الجزائر؛ والمغرب الأقصى، أو المملكة المغربية الحالية.
كان الاسم اللاتيني المستخدم في العصور الوسطى هو "موروتش" (بالاتينية: Morroch) وهو اختصار اسم "مراكش" عاصمة المرابطين.[9] يستعمل الأتراك كلمة "فاس - Fas" نسبة إلى عاصمة المغرب القديمة مدينة فاس أو مملكة فاس بينما يستعمل الإيرانيون كلمة "مراكش" نسبة إلى مملكة مراكش. قديما أطلق اللاتينيون تسمية "مملكة موريطانيا" على المغرب وتعني بلاد المورو (سكان شمال أفريقيا الأمازيغ والعرب) وكانت تجمع المغرب وأجزاء من الجزائر وبلاد شنقيط، على أية حال هذه التسمية تشير حاليا إلى دولة موريتانيا.
التاريخ
عرف المغرب تعاقب عدة حضارات وإمبراطوريات: الحضارة الآشولية (700.000 سنة ق.م)، الحضارة الموستيرية (120.000 و40.000 سنة ق.م)، الحضارة العاتيرية (40.000 سنة و20.000 سنة ق.م)، الحضارة الإيبروموريزية (21.000 سنة ق.م)، الحضارة الفينيقية، الحضارة البونيقية، الحضارة الموريطانية، الحضارة الرومانية، الإمبراطورية البيزنطية، الحضارة العربية الإسلامية، الإمبراطورية البرتغالية، والإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية.
العصور القديمة
إستوطن البشر المنطقة المعروفة بالمغرب حاليّا منذ العصر الحجري الحديث، أي منذ حوالي 8000 سنة قبل الميلاد، وعُرفت الحضارة التي نشأت آنذاك في تلك النواحي، بالحضارة القبصية، وفي تلك الحقبة كانت منطقة المغرب العربي أقل قحلا بكثير عمّا هي عليه اليوم. وفي فترة لاحقة، أنشأ البربر مملكة على سواحل البحر المتوسط عُرفت بمملكة موريطانيا، نسبة إلى كلمة "موروس" الإغريقية التي تعني "أسود".
.فتح المغرب أبوابه بشكل أوسع للدول المحيطة بالبحر المتوسط، عندما ازدهرت تجارة الفينيقيين وأقاموا مستعمرات لهم في مختلف الدول المتوسطية. تعد كل من شالة، ليكسوس، والصويرة، من أهم وأول المستعمرات الفينيقية التي أُنشأت في المغرب، وقد بقيت الأخيرة مستعمرة فينيقية حتى القرن السادس قبل الميلاد.
سيطرت الإمبراطورية الرومانية بعد بضعة قرون على جميع المناطق التي أسس فيها الفينيقيون مستعمراتهم، فقام الأباطرة بتقسيم إمبراطوريتهم إلى مقاطعات ونواح عديدة، كان منها مقاطعة "موريتانية الطنجية"، التي شملت القسم الشمالي من المغرب الحالي وفي هذه الفترة، عرف المغرب انفتاحاً تجارياً مهماً على حوض البحر المتوسط. سنة 285، تخلت الإدارة الرومانية عن كل المناطق الواقعة جنوب مدينة ليكسوس ما خلا سلا والصويرة. وعند سقوط الإمبراطورية الرومانية خضعت المنطقة لقبيلة الفندال الجرمانية الشرقية، ثم إلى القوط الغربيين، فالروم البيزنطيين. إلا أنه خلال هذا الوقت، بقيت معظم المناطق الجبلية المغربية مستقلة عن أي دولة أو إمبراطورية، وخاضعة للزعماء المحليين من البربر. أتى المبشرون بالمسيحية إلى المغرب خلال القرن الثاني، ولاقت هذه الديانة قبولا بين سكان البلدات والعبيد وبعض الفلاحين.
العصور الوسطى
بدأت الدولة الإسلامية بالتوسع خلال القرن السابع، وفي عام 670 فتح القائد العربي "عقبة بن نافع" بلاد المغرب وضمها إلى الدولة الأموية. استقر الكثير من العرب في المغرب وأحضروا معهم قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وقاموا بنشر الإسلام بين الأمازيغ الذين تقبلوه بأغلبيتهم واتخذو منه دينا لهم. وقام بعض الذين قدموا من شبه الجزيرة العربية بإنشاء ممالك وإمارات مستقلة خاصة بهم، "كصالح بن منصور الأول" الذي أسس مملكة نكور ونشر الإسلام بين سكان المنطقة، بعد خوض حروب ومعارك عديدة في الكثير من الأحيان. بعد ثورة العباسيين وسقوط الأمويين انفصل المغرب عن الخلافة العباسية وأسس الأدارسة أول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب سنة 788.
كان مؤسس الدولة الإدريسية المولى "إدريس بن عبد الله" قد حل بالمغرب الأقصى فاراً من موقعة فخ قرب مكة عام 786، فاستقر بمدينة وليلي حيث احتضنته قبيلة "أوْرَبَة" الأمازيغية ودعمته حتى أنشأ دولته. تمكن من ضم كل من منطقة "تامسنا"، وهي منطفة "الشاوية" حالياً والمناطق المجاورة، فزاز ثم تلمسان. اغتيل المولى إدريس الأول بمكيدة دبرها الخليفة العباسي هارون الرشيد ونفذت بعطر مسموم. بويع ابنه إدريس الثاني بعد بلوغه سن الثانية عشر. قام هذا الأخير ببناء مدينة فاس كما بسط نفوذه على مجمل المغرب.
وبعد سقوط الدولة الإدريسية، ظهرت دول المرابطون، الموحدون، المرينيون، السعديون، لتحكم المغرب بالتتالي، وفي هذه العهود، أي بعد القرن الحادي عشر، إزدهرت البلاد وبرزت كقوة كبرى في شمال غرب أفريقيا، بعد أن حكمت معظم نواحي تلك المنطقة من العالم ومناطق شاسعة من الأندلس. هرب الكثير من المسلمين اليهود إلى المغرب بعد الحروب التي قامت بها الممالك المسيحية الإسبانية لاسترجاع البلاد من أيدي المسلمين، والتي عُرفت بحروب الاسترداد.
وبعد السعديون، ظهرت سلالة العلويون الفيلاليون لتحكم قبضتها على البلاد، وفي ذلك الحين كان الصراع على أشده بين إسبانيا والدولة العثمانية للسيطرة على حوض البحر المتوسط، فاستطاع العلويون أن يحيدوا أنفسهم وبلادهم عن الصراع، وبهذا كان المغرب الدولة العربية الوحيدة آنذاك التي لم تدخل ضمن حدود الدولة العثمانية. كانت مملكة العلويون مملكة غنية على الرغم من أنها كانت أصغر حجما من الممالك والدول السابقة.
العصور الحديثة
في عام 1684 استرد السلطان "إسماعيل بن علي الشريف" مدينة طنجة من الإنكليز، وأخذ يعمل على توحيد جميع المدن المغربية في مملكة واحدة، على الرغم من معارضة بعض القبائل. كانت المغرب من أول الدول التي اعترفت بالولايات المتحدة كدولة مستقلة عام 1787. وعند بداية الثورة الأمريكية، كانت السفن التجارية التابعة للولايات المتحدة كثيرا ما تتعرض لهجمات القراصنة البربر في المحيط الأطلسي، فأعلن السلطان "محمد الثالث بن عبد الله الخطيب" أن جميع السفن التجارية الأمريكية تحظى بحماية السلطنة وأنها ستحظى بالحماية عند إبحارها بالمياه الإقليمية المغربية. تُعتبر معاهدة الصداقة المغربية الأمريكية التي أبرمت في ديسمبر من سنة 1777 من أقدم معاهدات الصداقة المستمرة التي أبرمتها الولايات المتحدة.
بعد انتهاء الحروب النابليونية، تمتعت مصر والمغرب العربي باستقلالية أكبر من السابق عن الدولة العثمانية، وزادت الفجوة بين الأخير والمملكة المغربية الحالية، مما جعل الدول الأوروبية تنظر إلى هذه الدول على أنها مناطق ملائمة للاستعمار، وكان للمغرب العربي النصيب الأكبر من هذه الأطماع، وذلك بسبب ثرواته المؤكدة المضمونة أكثر من باقي أفريقيا، كما كان موقعة الاستراتيجي على مخرج البحر المتوسط سببا أخر لتنازع الدول الأوروبية عليه. أبدت فرنسا اهتمامها بالمغرب منذ عام 1830.
المرحلة المعاصرة
فُرض على المغرب نوعٌ من الحماية، جعلت أراضيه تحت سيطرة فرنسا وإسبانيا بحسب ما تقرر في مؤتمر الجزيرة الخضراء بتاريخ 7 أبريل من عام 1906، وقد أتاحت هذه الحماية للدول الاستعمارية المشاركة في تسيير المغرب مع احتفاظه ببعض السيادة ورموزه الوطنية. بعثت فرنسا بجيشها إلى الدار البيضاء في غشت 1907، وانتهى الأمر بالسلطان إلى قبول معاهدة الحماية في 3 مارس 1912. وقتها أصبح لإسبانيا مناطق نفوذ في شمال المغرب، أي في الريف، وجنوبه، أي في إفني وطرفاية. في عام 1923 أصبحت طنجة منطقة دولية. أما باقي المناطق بالمغرب فقد كانت تحت سيطرة فرنسا. خدم الكثير من المغاربة في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، وفي الجيش الوطني الإسباني خلال الحرب الأهلية الإسبانية.
في 18 نوفمبر عام 1927، تربع الملك محمد الخامس على العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره، وفي عهده خاض المغرب المعركة الحاسمة من أجل الاستقلال عن الحماية. في 11 يناير 1944 تم تقديم وثيقة المطالبة بإنهاء حماية المغرب واسترجاع وحدته الترابية وسيادته الوطنية الكاملة. في 9 أبريل 1947 زار محمد الخامس مدينة طنجة حيث ألقى بها خطاب طنجة الذي أدى إلى تصعيد المقاومة، المسماة بجيش التحرير، لإنهاء الحماية. في 20 أغسطس 1953 نُفي محمد الخامس والأسرة الملكية إلى مدغشقر واندلع بالمغرب ما يعرف بثورة الملك والشعب. سمحت فرنسا لمحمد الخامس بالعودة إلى بلاده سنة 1955، وفي السنة التالية على رجوعه، بدأت المفاوضات بين المغرب وفرنسا التي أدت لاستقلال البلاد في نهاية المطاف.
استعاد المغرب سيادته على المناطق الخاضعة للحكم الإسباني من خلال اتفاقيات مع إسبانيا ما بين عاميّ 1956 و1958. وقد جرت بضعة محاولات عسكرية لاسترداد بعض المستعمرات الإسبانية، ولكنها لم تكن ناجحة بشكل كبير. أُعيدت مدينة طنجة المدولة إلى المغرب بعد توقيع "بروتوكول طنجة" بتاريخ 29 أكتوبر من عام 1956. تربع الحسن الثاني على العرش كملك للمغرب في 3 مارس 1961، وفي ديسمبر من عام 1962 تمت المصادقة بواسطة الاستفتاء على أول دستور يجعل من نظام الحكم في المغرب نظاما ملكيّا دستوريّا. عادت المنطقة التي شكلت مقاطعة "إفني" الإسبانية إلى المغرب سنة 1969. أرفقت الحكومة المغربية الصحراء الغربية بالبلاد خلال سبعينات القرن العشرين، بعد أن طالبت إسبانيا بالتخلي عنها وإعادة دمجها بالمغرب منذ عهد الاستقلال، إلا أن قضية هذه المنطقة ما زالت دون حل حتى اليوم.
العلم، الشعار، والنشيد الوطني
علم المغرب هو اللواء الأحمر تتوسطه نجمة خماسية الخاتَم خضراء. يُعتقد أن اللون الأحمر يرمز إلى الجهاد ودماء المدافعين عن الوطن، النجمة خماسية الخاتم إلى أركان الإسلام الخمسة، واللون الأخضر إلى الانتماء إلى الأمة الإسلامية.
أما شعار المغرب فهو ترس حمري، يعلوه نصف شمس مشرقة، ذو خمسة عشر شعاعا ذهبيا فوق ساحة لازودية تضم جبال الأطلس، وعلى جانبي الشعار أسدان أطلسيان׃ أسد اليمين مجنّب وأسد اليسار مواجه، وبالترس شريط ذهب عليه آية قرآنية: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}.
النشيد الشريف كتبه علي الصقلي الحسيني ولحنه ليو مورغان. هو النشيد الوطني الرسمي للمغرب منذ الاستقلال عن الحمايات سنة 1956. كان النشيد الوطني المغربي عبارة عن لحن موسيقي فقط دون كلمات، بعد أن سُحبت منه كلماته التي كانت تمجد اليهود المغاربة، إلى غاية عام 1970 حين تأهل منتخب كرة القدم لكأس العالم بالمكسيك، كأكبر محفل عالمي تعزف فيه الأناشيد الوطنية آنذاك، حيث أمر الملك الراحل الحسن الثاني الكاتب علي الصقلي بكتابة كلمات النشيد الوطني بالحفاظ على نفس اللحن ليردده اللاعبون بالمكسيك أثناء عزفه.