يعتبر البعد عن المؤسسة التعليمية يشكل عائقًا إضافيًا للتلاميذ في الوسط القروي، يحد من عزيمتهم ويثير تحفظًا لدى الآباء، خاصة إذا تعلق الأمر بالفتيات، غالبًا ما تكون المسافات التي يقطعها الأطفال مشيًا في غالب الأحوال لبلوغ المدارس بعيدة جدًا، ويعود ذلك إلى تشتت السكان والعوائق الجغرافية أي المناطق المعزولة والظروف المناخية الصعبة، يضاف إلى ذلك قلة عدد المؤسسات التعليمية.
هذا البعد يثير مسألة لا تقل أهمية وهي وعورة المسالك التي تتطلب من الأطفال أن يواجهوها يوميًا مثقلين بحقائبهم، بل عليهم مواجهة الظروف الجوية المتقلبة التي في كثير من الأحيان تفرض عليهم لزوم منازلهم، هذه الظروف تؤثر أيضًا على المدرس الذي قد يصل متأخرًا في الحالات العادية، وقد يتغيب في حالة الظروف الجوية القاسية كتهاطل الثلوج أو فيضان الأودية الموسمية التي تعزل المنطقة على محيطها أثناء فيضانها، وهدر الزمن التعليمي قد يستمر لوقت طويل، وحتى إذا أقبل التلاميذ والمدرسون على المدرسة، فإنهم على الدوام يصطدمون بغياب البنيات التحتية من ماء صالح للشرب ومراحيض وغيرها من مظاهر الندرة والخصاص، وكلها عوامل تفقد المدرسة جاذبيتها وتؤثر على قوة الطلب الاجتماعي على التعلم.