تَحَدّث مايكل فاراداي عن مفهوم المجال الكهربي.ينشأ المجال الكهربي من خلال جسم مشحون في الحيز المحيط به، ويُحْدث قوة على أيٍّ من الشحنات الأخرى داخل المجال. ويعمل المجال الكهربي بين شحنتين بالطريقة نفسها التي يعمل بها مجال الجاذبية بين كتلتين (كتلة). كما يتمدد المجال الكهربي، مثله في ذلك مثل مجال الجاذبية، إلى ما لا نهاية ويظهر علاقة تربيع عكسي مع المسافة،[13] ومع ذلك، يوجد اختلاف مهم بينهما.
إذ تعمل الجاذبية دائمًا على عنصر الجذب، فتجذب كتلتين نحو بعضهما البعض. بينما قد يتسبب المجال الكهربي في جذب الجسيمات أو تنافرها.وبما أن الأجسام كبيرة الحجم، مثل الكواكب، لا تحمل عادةً أي صافي شحنة، فإن المجال الكهربي عن بُعد يساوي صفر. وبالتالي، تعد الجاذبية القوة الغالبة في الكون، على الرغم من ضعفها مقارنةً بالقوى الأخرى.[14]
خطوط المجال المنبعثة من شحنة موجبة فوق موصل مستوي,بشكل عام، يختلف الحيز الذي يشغله المجال الكهربي،[26] وتُعرّف شدته في أي نقطة على أنها القوة (لكل وحدة شحنة) التي تشعر بها شحنة ثابتة ومهملة إذا وضعت عند هذه النقطة.[27] ويجب أن تكون الشحنة التصورية، التي يطلق عليها اسم "شحنة اختبار" شديدة الصغر حتى تمنع مجالها الكهربي من التشويش على المجال الرئيسي. كما ينبغي أن تكون ثابتة حتى تمنع تأثير المجالات المغناطيسية (المجال المغناطيسي).
وبما أن المجال الكهربي يتم تعريفه من منطلق القوة وبما أن القوة متجه، نستنتج من ذلك أن المجال الكهربي متجه أيضًا وله مقدار واتجاه. وبشكل أدق، يعد المجال الكهربي مجالاً متجهيًا.[27]
فضلاً عن ذلك، يطلق على دراسة المجالات الكهربية التي تُحْدثها الشحنات الثابتة اسم الكهرباء الساكنة. ويمكن تصوير المجال الكهربي من خلال مجموعة من الخطوط التخيلية التي يكون اتجاهها في أي نقطة هو نفسه اتجاه المجال. ويعتبر فاراداي هو الذي قدّم هذا المفهوم.[28] ولا يزال مصطلح "خطوط القوة" الذي وضعه فاراداي مستعملاً في بعض الأحيان. وتعتبر خطوط المجال بمثابة المسارات التي تُحْدِثها شحنة موجبة؛ لأنها اضطرت للتحرك داخل هذا المجال. ومع ذلك، تعد هذه الخطوط مفهومًا تخيليًا ليس له وجود مادي. ويتخلل المجال الحيز الواقع بين الخطوط.[28] ؤأما خطوط المجال المنبعثة من الشحنات الثابتة فتتمتع بعدة خصائص رئيسية. الخاصية الأولى هي أنها تنشأ عند الشحنات الموجبة وتنتهي عند الشحنات السالبة، والخاصية الثانية هي وجوب دخولها أي موصل جيد بزوايا قائمة. أما الخاصية الثالثة فهي أنها لا تتقاطع ولا تطوق نفسها.[29]
إن أي جسم موصل أجوف يحمل كل شحناته الكهربية على سطحه الخارجي. وبناءً على ذلك، المجال الكهربي يساوي صفر في جميع الأماكن الموجودة داخل الجسم.[30] وهذه هي قاعدة التشغيل الرئيسية التي يعتمد عليها قفص فاراداي، وهو عبارة عن هيكل فلزي موصل يعزل ما بداخله عن المؤثرات الكهربية الخارجية. تزيد أهمية الكهرباء الاستاتيكية بشكل خاص عند تصميم عناصر المعدات ذات الجهد العالي. ويوجد حد معين تنتهي عنده شدة المجال الكهربي التي يمكن مقاومتها بأي وسيط.وبخلاف ذلك، يحدث الانهيار الكهربي ويسبب القوس الكهربي وميضًا عابرًا بين الأجزاء المشحونة. فعلى سبيل المثال، يسير الهواء في مسار منحني عبر الفجوات الصغيرة التي تتجاوز عندها شدة المجال الكهربي 30 كيلو فولت لكل سنتيمتر.وفي الفجوات الأكبر، تضعف شدة الانهيار الكهربي، حيث ربما تصل إلى كيلو فولت لكل سنتيمتر.[31] وأوضح ظاهرة طبيعية تدلل على هذا الأمر هي البرق؛ إذ أنه يحدث عندما تنفصل الشحنات الكهربية في السحاب بفعل الأعمدة الهوائية المرتفعة وعندما تقوم الشحنات برفع المجال الكهربي في الهواء أكثر مما تحتمل.ومن الممكن أن يزيد الجهد الكهربي في إحدى سحب البرق الكبيرة حتى يصل إلى 100 ميجا فولت وربما يقوم بتفريغ كمية هائلة من الطاقة قد تصل إلى 250 كيلواط في الساعة.[32]
تتأثر شدة المجال بدرجة كبيرة بالأجسام الموصلة المجاورة، وتزداد شدته خاصةً عندما يضطر إلى الانحناء حول أجسام مدببة الأطراف.ويتم استخدام هذا المبدأ في مانعة الصواعق. وهي عبارة عن عمود معدني ذي طرف مدبب يعمل على امتصاص التيار الكهربي الناتج من الصواعق، بدلاً من نزوله على المبنى الذي يحميه.