أسباب تلوث الهواء
يُعَرّف ملوث الهواء بأنه أي مادة في الهواء يمكن أن تسبب الضرر للإنسان والبيئة، ومن الممكن أن تكون هذه الملوثات في شكل جزيئات صلبة أو قطرات سائلة أو غازات، بالإضافة إلى أنها قد تكون طبيعية أو ناتجة عن نشاط الإنسان بحيث تبلغ نسبته في الوطن العربي % 40. ويمكن تصنيف الملوثات إلى:
1. ملوثات أولية: هي المواد التي تصدر بشكل مباشر من إحدى العمليات، مثل الرماد المتناثر من ثورة أحد البراكين أو غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من عوادم السيارات أو ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مداخن المصانع.
وتضم الملوثات الأولية الرئيسية الناتجة عن النشاط البشري ما يلي:
• ثنائي أكسيد الكبريت SO2ينبعث من البراكين والعمليات الصناعية المختلفة، وحيث إن الفحم والبترول يحتويان على مركبات الكبريت، فإن احتراقها ينتج عنه أكاسيد الكبريت. كما أن التأكسد الزائد لمادة ثاني أكسيد الكبريت والذي عادة ما يحدث في وجود مادة محفزة مثل ثاني أكسيد النيتروجين NO2، يعمل على تكوين حمض الكبريتيك H2SO4، ومن ثم تكوين الأمطار الحمضية. ويعد ذلك أحد الأسباب الداعية للقلق بشأن تأثير استخدام هذه الأنواع من الوقود كمصادر للطاقة على البيئة.
• ثاني أكسيد النيتروجين 2NO حيث تنبعث هذه المواد من الاحتراق في درجة حرارة عالية. ويمكن رؤية هذا النوع من الغازات في شكل قباب من الضباب البني أو سحب ريشية الشكل تنتشر فوق المدن. ويعد ثاني أكسيد النيتروجين أحد أنواع مركبات أكاسيد النيتروجين المتعددة. ويتميز هذا الغاز السام ذو اللون البني الضارب إلى الحمرة بأن له رائحة قوية ونفاذة. لذا، يعد ثاني أكسيد النيتروجين من أكثر ملوثات الهواء وضوحًا.
• أحادي أكسيد الكربون CO غاز عديم اللون والرائحة ولا يسبب أي تهيج للكائن الذي يقوم باستنشاقه إلا أنه غاز سام للغاية. وينبعث أول أكسيد الكربون من خلال عملية الاحتراق غير الكامل للوقود مثل الغاز الطبيعي أو الفحم أو الخشب. لذا تعد عوادم السيارات أحد المصادر الرئيسية لتكون غاز أول أكسيد الكربون.
• ثاني أكسيد الكربون CO2 هو أحد غازات الصوبة الزجاجية، وينبعث أيضًا هذا الغاز من عملية الاحتراق، إلا أنه يعد من الغازات الضرورية لـلكائنات الحية. فهو من الغازات الطبيعية الموجودة في الغلاف الجوي.
• المركبات العضوية المتطايرة VOCs من الملوثات الخطيرة التي توجد في الهواء الطلق. عادة ما يتم تقسيم هذه المركبات إلى أنواع مختلفة من المركبات الميثانية CH4 والمركبات غير الميثانية. ويعد الميثان أحد الغازات الدفيئة شديدة الفعالية، حيث يساهم في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري على سطح الأرض. أما المركبات المتطايرة الأخرى من الهيدروكربونات VOCs فهي تعد أيضًا من الغازات الدفيئة المؤثرة، ويرجع ذلك إلى الدور الذي تلعبه في تكوين الأوزون وزيادة فترة بقاء غاز الميثان في الغلاف الجوي. وذلك، على الرغم من أن تأثير هذه الغازات يختلف وفقًا لنوعية الهواء في المنطقة المحيطة. ومن المركبات العضوية المتطايرة غير الميثانية NMVOCs بعض المركبات ذات الرائحة النفاذة مثل البنزين والتولوين والزيلين، والتي يعتقد أنها من المواد المسببة للسرطان؛ حيث قد يؤدي التعرض طويل المدى لمثل هذه المركبات إلى الإصابة بسرطان الدم. أما أحادي وثلاثي البوتاديين، فهو يعد من المركبات الخطيرة الأخرى التي عادة ما تصاحب الاستخدامات الصناعية.
• الجسيمات المادية عبارة عن جسيمات بالغة الصغر قد تكون صلبة أو سائلة أو عالقة في الغاز. ونجد أن مصطلح الأيروسول دقائق فوق مجهرية من سائل أو صلب معلقة في الغاز يشير إلى الجسيمات المادية والغاز معًا. ومصادر هذه الجسيمات قد تكون ناتجة عن النشاط البشري أو طبيعية. فبعض الجسيمات المادية توجد بشكل طبيعي، حيث تنشأ من البراكين أو العواصف الترابية أو حرائق الغابات والمراعي أو الحياة النباتية أو رذاذ البحر. أما الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الحفري في السيارات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والعمليات الصناعية المختلفة، فقد تساعد أيضًا في تكوين كميات كبيرة من الرذاذ المحتوي على الجسيمات المادية. وعلى مستوى الكرة الأرضية، نجد أن كميات الأيروسول الناتج عن الأنشطة البشرية يمثل حاليًا ما يقرب من 10 في المائة من الكمية الكلية للأيروسول الموجود في غلافنا الجوي. وجدير بالذكر، أن زيادة نسبة الجسيمات المادية الناعمة العالقة في الهواء عادة ما تكون مصحوبة بمخاطر صحية مثل الإصابة بأمراض القلب وتعطيل وظائف الرئة، بالإضافة إلى سرطان الرئة.
• المعادن السامة مثل الرصاص والكادميوم والنحاس.
• مركبات الكلوروفلوركربونات CFCs وهي من المركبات الضارة جدًا بطبقة الأوزون وتنبعث هذه المركبات من بعض المنتجات التي منع استخدامها في الوقت الحالي.
• الأمونيا NH3 وهي من المواد التي تنبعث من العمليات الزراعية. تعرف الأمونيا بأن إحدى خصائصها الطبيعية تتمثل في أن لها رائحة قوية ونفاذة. وتسهم الأمونيا بشكل كبير في سد الاحتياجات الغذائية للكائنات الحية على سطح الأرض؛ وذلك من خلال مساهمتها في تكوين المواد الغذائية والأسمدة. كما أن الأمونيا تعد الأساس الذي تقوم عليه عملية تصنيع العديد من المستحضرات الطبية، وذلك إما بشكل مباشر أو غير مباشر. وعلى الرغم من الاستخدام الواسع لمادة الأمونيا، فإن هذه المادة تعد من المواد الكاوية والخطيرة.
• الروائح وذلك مثل الروائح المنبعثة من القمامة والصرف الصحي والعمليات الصناعية المختلفة.
• الملوثات المشعة والتي تنتج عن التفجيرات النووية والمواد المتفجرة المستخدمة في الحروب، بالإضافة إلى بعض العمليات الطبيعية مثل الانحلال الإشعاعي لغاز الرادون.
2. ملوثات ثانوية: لا تنبعث في الهواء بشكل مباشر، وإنما تتكون هذه الملوثات في الهواء عندما تنشط الملوثات الأولية أو تتفاعل مع بعضها البعض. وتضم ما يلي:
• الجسيمات المادية التي تتكون من الملوثات الأولية الغازية والمركبات الموجودة في الضباب الدخاني الكيميائي الضوئي. والضباب الدخاني يعد أحد أنواع تلوث الهواء الذي يعرف في اللغة الإنجليزية بكلمة smog وهي كلمة مشتقة من كلمتي smoke وfog. وكان الضباب الدخاني قديمًا ينتج من حرق كميات كبيرة من الفحم في منطقة معينة نتيجة لاختلاط الدخان وثاني أكسيد الكبريت. أما الضباب الدخاني في العصر الحديث فلا ينتج عادة من احتراق الفحم، ولكن من المواد الضارة المنبعثة من محركات السيارات والعمليات الصناعية، حيث تتفاعل هذه المواد في الغلاف الجوي عن طريق ضوء الشمس لتكون مجموعة من الملوثات الثانوية التي تتحد أيضًا مع الملوثات الأولية المنبعثة مما يؤدي إلى تكون الضباب الكيميائي الضوئي.
• اقتراب الأوزون من سطح الأرض O3، وهو الأمر الذي ينتج عن أكاسيد النيتروجين N0x والمركبات العضوية المتطايرة VOCs. ويعد غاز الأوزون O3 أحد المكونات الأساسية لطبقة التروبوسفير في الغلاف الجوي كما أنه يمثل أيضًأ أحد المكونات الأساسية لمناطق معينة في طبقة الاستراتوسفير وتعرف هذه المناطق عمومًا باسم طبقة الأوزون. كما أن التفاعلات الكيميائية والكيميائية الضوئية المرتبطة بهذا الغاز تتحكم في العديد من العمليات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي ليلاً ونهارًا. وعندما ترتفع نسب تركيز الأوزون بشكل غير عادي عن طريق الأنشطة البشرية والتي يساهم احتراق الوقود الحفري بنسبة كبيرة منها، فإنه يصبح أحد الملوثات الهوائية كما أنه يمثل أحد مكونات الضباب الدخاني.
• نترات البروكسياسيتيل PAN - تتكون أيضًا هذه المادة من أكاسيد النيتروجين NOx والمركبات العضوية المتطايرة VOCs.
وتوجد أيضًا الملوثات الهوائية الأقل خطورة والتي تضم ما يلي:
• عدد هائل من الملوثات الهوائية الأقل خطورة، والتي تم التحكم في بعضها عن طريق إصدار بعض القوانين مثل قانون الهواء النظيف في الولايات المتحدة الأمريكية وقانون حماية الهواء Air Frame Work Directive في أوروبا.
• مجموعة متنوعة من الملوثات العضوية الثابتة والتي يمكن أن تتحد مع بعض الجسيمات المادية، وهي مركبات عضوية مقاومة للانحلال البيئي من خلال بعض العمليات الكيميائية والبيولوجية، بالإضافة إلى عملية الانحلال الضوئي.ونتيجة لذلك، فقد لوحظ أن هذه المركبات توجد في البيئة بشكل مستمر كما أنها قادرة على الانتقال طويل المدى والتراكم البيولوجي داخل الأنسجة البشرية والحيوانية والتركيز البيولوجي داخل سلاسل الغذاء، هذا بالإضافة إلى ملاحظة إمكانية تأثيراتها الخطيرة على صحة الأنسان والبيئة بشكل عام.