صومعة حسان من المباني التاريخية المتميزة بالعاصمة المغربية الرباط، والتي شيدت في عصر دولة الموحدين. تم تأسيس "جامع حسان" بناءً على أمر يعقوب المنصور سنة 593 هـ (1197-1198 م).
لمحة تاريخية
شيد من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي، وكان يعد من أكبر المساجد في عهده. لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة 1199، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضرب الرباط سنة 1755م. وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية بمراكش، والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته.
ويرى مؤرخون أن اختيار هذا المسجد الذي تتجاوز مساحته 2550م 2 بمدينة الرباط ليكون أكبر مساجد المغرب وليداني أكبر مساجد الشرق مساحة وفخامة، يدل على أن الموحدين كانوا يرغبون في أن يتخذوا من الرباط مدينة كبيرة تخلف في أهميتها مدينتي فاس ومراكش، وبالرغم من العناية التي بذلها كل من أبي يعقوب وأبي يوسف في إنشاء مدينة كبيرة بكل مرافقها لتخلد بذلك اسم الدولة الموحدية، فإن الرباط في الواقع لم تعمر بقدر ما كان يأمله منها أبو يوسف وخلفه. وهذا الأمر قد يكون من أهم الأسباب التي أوقفت حركة البناء في هذا الجامع بالإضافة إلى موت أبو يوسف المنصور قبل إكمال بنائه، كما أنه كان يستنفذ موارد الدولة مع المرافق الأخرى للرباط.
في عهد الدولة الموحدية نفسها وفي فترة احتضارها عمد السعيد الموحدي إلى أخشاب المسجد وأبوابه، فصنع منها أجفانا سنة 641هـ فما لبثت أن احترقت بنهر أم الربيع وبذلك فسح للعامة مجال النهب والسلب ليسطوا على بقية هذه الأخشاب التي كانت من أشجار الأرز. وتوالي السطو أيام المرينيين ثم السعديين بل حتى أيام العلويين عهد السلطان عبد الله بن إسماعيل حيث صنع القراصنة من سلا والرباط سفينة من أخشاب الجامع المذكور وسموها بسفينة الكراكجية ثم انتزعها منهم السلطان محمد بن عبد الله. ولم تكن أحداث الطبيعة بأرحم من الناس على هذا الأثر، فقد كان زلزال لشبونة سنة 1169 (1755م) الذي عم أثره بعض أنحاء المغرب خاصةً مكناس والرباط، سببا في سقوط عدة أعمدة وأطراف من السور والمنار، كما تهدمت عدة منازل من الرباط ثم تلا هذا الزلزال حريق عظيم أتى على ما بقي من أخشاب المسجد التي تحولت رمادا، وكان للأمطار ورطوبة البحر وتقلبات الجو أثرها أيضا على هذا البناء الأثري حتى استحال الجانب المطل على نهر أبي رقراق من المنار رماديا كما يبدو ذلك حتى الآن.
موارد البناء
تتكون موارد البناء من مختلف المواد التي تشكل عادة البناء الأندلسي المغربي، كالآجر والحجر المنحوت والجص الذي كان يحتوي على قدر وافر من الجير ثم الرخام والخشب. وكانت تحادي سور القبلة عدة أبراج للزينة ولحفظ التوازن في آن واحد.
وليس معروفًا تمامًا الطريقة التي اعتمد عليها الموحدون لامداد الجامع بالماء، بصرف النظر عن الآبار، ولكن من الثابت أن عين أغبولة (بالدشيرة) كانت المورد الرئيسي لإمداد المدينة كلها بالماء، بل ولإمداد سلا أيضا عن طريق اقنية تمتد على القنطرة الكبيرة التي بناها أبو يوسف المنصور بين العدوتين، وهي قنطرة كان يعبرها الجيش وعموم الناس وكانت مبنية بناء محكما حسبما نقله صاحب كتاب "المغرب ومدنه الأثرية".