كلنا نمر بهذا الاحساس في حياتنا اليومية أكثر من مرة.
نشاهد ما يدور حولنا ونتابع تفاصيله بعيوننا ولكننا في غمرة ما نرى قد نغفل عن رؤية ملمح من أبرز ملامح الصورة.
أوضح مثال على ذلك عندما يغفل سائق السيارة عن ملاحظة تغير ضوء الاشارة من الأحمر الى الأخضر.
ظاهرة "العمى المتغير"
العلماء يسمون هذه الظاهرة "العمى المتغير".
وقد أعلن الباحثون في الكلية الجامعة بلندن بالتعاون مع زملاء لهم في جامعة برنستون الأمريكية أنهم توصلوا الى معرفة المكان المسؤول عن تلك الظاهرة في الانسان وهو القشرة الخارجية لجدار المخ.
فالدراسات التي أجراها هؤلاء العلماء على رسومات المخ لعديد من الأشخاص بينت أن مهمة ادراكنا لما نراه حولنا من موجودات لاتقتصر على الجزء الخاص بالرؤية في المخ فقط، بل هناك مناطق أخرى في المخ تلعب دورا في تحديد الرؤية.
ويقول البروفيسور "نيلل لافي" رئيس فريق البحث بالكلية الجامعة في لندن انهم ركزوا الدراسة على المنطقة المسماة بالقشرة الخارجية لجدار المخ. وهذه المنطقة هي المسؤولة عن التركيز.
وباستخدام تقنية تعتمد على نقل موجات كهربية غير ضارة الى المخ وتسمى الحفز المغناطيسي، تمكن العلماء من وقف عمل تلك المنطقة محل البحث في تسعة أشخاص ممن أجريت عليهم التجربة.
السر في سحر الساحر
عندما نجح العلماء في ذلك وجدوا أن هؤلاء الأشخاص لا يلاحظون أي تغير في المنظر المحيط بهم حتى وان كان كبيرا. فمثلا لم يمكنهم رؤية تغيير وجه من وجوه أربعة رئيسية على شاشة الفيديو أمامهم.
ويقول العلماء ان النقطة المسؤولة عن هذا الادراك توجد في المخ على بعد سنتيمترات قليلة أعلى الاذن اليمنى للانسان، وهي المنطقة التي يحكها الناس عادة عندما يستغرقهم التفكير والتركيز.
ويرى العلماء الذين قاموا بالتجربة انها تفسر بطريقة علمية سبب تصديقنا لما يقوم به ممارسوا الألعاب السحرية من خداع وحيل.
فالساحر يستغل فرصة تركيزنا بشدة على ما يفعله بيده اليسرى ليشغلنا عما يقوم به من حيلة في يده اليمنى.
ويساعده على ذلك أن عقلنا قد ركز بشدة فيما يراه مما حجب الرؤية عن قشرة جدار المخ محل الدراسة ومنعنا من ملاحظة أية تغييرات أخرى.
ويقول الدكتور جون دنكان العالم بمجلس أبحاث الطب ان نتائج هذه الدراسة يمكن أن تفيد في علاج الحالات المرضية المتعلقة بقلة القدرة على التركيز والادراك. كما يحدث أحيانا في حالات الاصابة بالجلطة الدماغية.