نادراً ما نجد في الصحيفة الكبرى
(الأهرام ) قولاً مثل قول سكينة فؤاد 25/11/ 2004:“الحمد لله أن أكد فضيلة شيخ الأزهر أن
اصطياد الجراد بهدف أكله ليس تكليفا شرعيا ، وإنما أمر اختياري”حتى لا يفوتني واجب شرعي بعد دعوة لجنة
الفتوى لاصطياد الجراد وأكله ، لمساعدة الحكومة في القضاء عليه ، ولأن القدوة خير
مثال فكان يجب أن ينقل لنا التليفزيون صورا للجنة وهي تتناول أطباق الجراد. أو صورة
الحكومة وهي تفطر وتتغدى وتتعشى على أطباقه ، ولا أعرف ما هي ضرورة أن يتدخل الأزهر
في أمر الجراد”. وجملتها الأخيرة وهي سؤال مفصلي يتعلق بمفاصل ثقافتنا وحرصنا عليها
، والإجابة عنه هي إجابة أيضاً عن أسئلة كثيرة حول تخلف المسلمين
المثالي.هنا سنحاول أن نضع يدنا على
الأسئلة والأجوبة.. لنحدد بدقة ليس علاقة الأزهر بالجراد ، و إنما علاقة الإسلام
بالجراد ، لأن أزاهرتنا عندما يتحدثون في شأن من شئون دنيانا فهم يرجعوته دوما إلى
رأي الدين الذي يتمثلونه ويتماهون به ،
وأصبح الحديث كما لو كان
صدى لرأي الله مباشرة ، خاصة عندما تجد بعضهم يفتي في التليفزيون ووراءه
تجري الشموس والنجوم والأقمار وبجواره لفظ الجلالة كما لو كان هو الذات الإلهية أو
أنه رسولها المباشر جاءنا قافزا لتوه من بين أكوانه ومجراته وكواكبه في إيحاء مرفوض
وغير جائز بل وخال من الذوق الإيماني في التعامل مع رب الأكوان وطريقة الانتساب
إليه.
وبعد دعوة المسلمين في مصر
لأكل الجراد بفتوى شرعية من لجنة الفتوى بالأزهر لمساعدة الحكومة في القضاء عليه
تقدم الإمام الأكبر بفتوى توضيخ : “إن إصطياد الجراد بهدف أكله ليس تكليفا شرعيا
وإنما أمر اختياري.. وإن تناول الجراد كطعام ليس مخالفا للشريعة الإسلامية ولا يدخل
في قائمة الأطعمة المحرمة على المسلمين”. ومن ثم أعفانا إمامنا من هذه الوجبة التي
لم نعتد عليها في بلاد النيل ، وحولها من تكليف إلى اختيار.
بعد أن دخل الجراد مصر ينهش
ما تبقى لفقرائها في الحقول ، وبعد أن أحسنت وزارة الزراعة استقباله هاشة باشة
مرحبة لحلوله أهلا ومجيئة سهلا ، كان الحل هو تشجيع الفقراء على تناول الجراد
بحسبانه طعاما تناولة من قبل الأسلاف المسلمون والعرب الأواءل في بواديهم الشحيحة
وبيئة الندرة التي كانت تسمح بتناول كل ما تقع عليه اليد ، أيا كان ،
فكان العربي يأكل أي شيء يتحرك أمامه ومع تحاشي السم منها بحكم خبرة
الأجيال.